شاهدت أثناء زيارتي لأحد المساجد الكبري في حي السيدة زينب بالقاهرة جمعاً من الناس يتبركون بأصحاب الأرضحة معتقدين بأن لدي أصحابها القدرة على الرفع والوضع في الدنيا والآخرة، وتفريج الكربات، وقضاء الحاجات، ومحو الذنوب معتقدين أنهم بزيارتهم لهذه الأضرحة ستأتيهم البركة ويشفون من المرض ... بل وقد شاهدت منهم من يحاول أن يَمَسُّ ويلحس حجر ضريح أملاً في الشفاء والعلاج من المرض ، وشاهدت مجموعة من النساء حول الضريح يتمسّحون أملاً في الإنجاب والتصرف بشكل لا يليق بالمسجد ولا يليق بمصر صاحبة الحضارة الإسلامية والأزهر الشريف والتي دفن فيها وأفتي فيها الليث ابن سعد والإمام الشافعي وابن خلدون.
إن هناك الكثير من القبور والأضرحة المنسوبة إلى أصحابها في أغلب المناطق مشكوك بصحتها, لأن السابقين من السلف الصالح لم يهتموا بتقديس القبور أو البناء عليها أو تحديدها. وتصورت أن لو كان الإمام الشافعي وغيره لو كانوا أحياء وشاهدوا هذه الأعمال التي لا تليق بالإسلام ومبادئه لزجروا كل هؤلاء ولنهوهم عن فعل كل تلك الأمور.
إنني أقرر أن المسئولية تقع علينا جمعياً ولكن هناك مسئولية خاصة من وزارة الأوقاف بأن تغلق أبواب هذه الأرضحة لأن الرسول (صلي الله علية وسلم) أوصي بألا نطلب ولا نسأل إلا من المولي عز وجل ومن هنا فيجب ألا نترك الفرصة لهؤلاء الجهال ولا نشجّعهم للقيام بأعمال تتنافي مع الدين. فلست ضد زيارة القبور ولكن لابد أن توجد وقفة تجاه تلك الفوضي وإتخاذ هذه الأضرحة مكانا للزيارة والتبرك والتمسح بها. وحسنا ما قامت به السعودية بمنع المعتمرين والحجاج ممن يرغبون في التمسح بضريح المصطفي (صلي الله عليه وسلم)
ويمكن مواجهة هذه الظاهرة من خلال مسلكين
أولاً: الأسلوب العلمي من خلال مخاطبة عقولهم، ودعوتهم إلى التفكير والتأمل، فإن الولوع في تقديس الأضرحة والغلو فيها لا يظهر إلا عند الذين ألغوا عقولهم، وعطلوا تفكيرهم، ومرضوا بحبّ التقليد ومحاكاة الناس دون حجة أو دليل.
ثانياً: الأسلوب الدعوي من خلال دعوة المخاطبين إلى تدبر آيات القرآن الحكيم، وحثهم على التأمل والتفكر فيتعين على أهل العلم كشف حجج هؤلاء وبيان مدي عدم صحة مزاعهم، وفساد فكرة الإعتماد على المنامات والأحلام، والحكايات المزعومة، مع تقرير المنهج الصحيح في الاستدلال كالاعتماد على الكتاب والسنة الصحيحة ونحو ذلك مما يساهم في مواجهة هذه الظاهرة.
أحمد عبد التواب شرف الدين. مدينة نصر
No comments:
Post a Comment